الثلاثاء، 21 فبراير 2017

معنى الخضوع بالقول:

معنى الخضوع بالقول:
قال تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٣٢)} (الأحزاب: ٣٢).
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: «هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ونساء الأمة تبعٌ لهن في ذلك، فقال مخاطبًا لنساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنهن إذا اتقين الله كما أمرهن، فإنه لا يشبههن أحد من النساء، ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة.
ثم قال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} قال السُّدِّي وغيره: «يعني بذلك: ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال»؛ ولهذا قال: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي: دَغَل، {وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} قال ابن زيد: «قولًا حسنًا جميلًا معروفًا في الخير».
ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها (١).
قال البغوي: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} لَا تَلِنَّ بِالْقَوْلِ لِلرِّجَالِ وَلَا تُرَقِّقْنَ الْكَلَامَ؛ {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أَيْ: فُجُورٌ وَشَهْوَةٌ، وَقِيلَ: نِفَاقٌ، وَالْمَعْنَى: لَا تَقُلْنَ قَوْلًا يَجِدُ مُنَافِقٌ أَوْ فَاجِرٌ بِهِ سَبِيلًا إِلَى الطَّمَعِ فِيكُنَّ.
وَالْمَرْأَةُ مَنْدُوبَةٌ إِلَى الْغِلْظَةِ فِي الْمَقَالَةِ إِذَا خَاطَبَتِ الْأَجَانِبَ لِقَطْعِ الْأَطْمَاعِ (٢).
وقال القرطبي: «أَمَرَهُنَّ اللهُ أَنْ يَكُون قَوْلهنَّ جَزْلًا وَكَلَامهنَّ فَصْلًا , وَلَا يَكُون عَلَى

(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٨٢).
(٢) تفسير البغوي (٦/ ٣٤٨وَجْه يُظْهِر فِي الْقَلْب عَلَاقَة بِمَا يَظْهَر عَلَيْهِ مِنْ اللِّين , كَمَا كَانَتْ الْحَال عَلَيْهِ فِي نِسَاء الْعَرَب مِنْ مُكَالَمَة الرِّجَال بِتَرْخِيمِ الصَّوْت وَلِينه , مِثْل كَلَام الْمُرِيبَات وَالْمُومِسَات.


فَنَهَاهُنَّ عَنْ مِثْل هَذَا.
{مَرَضٌ} أَيْ شَكّ وَنِفَاق , عَنْ قَتَادَة وَالسُّدِّيّ.
وَقِيلَ: تَشَوُّف الْفُجُور , وَهُوَ الْفِسْق وَالْغَزَل , قَالَهُ عِكْرِمَة.
وَهَذَا أَصْوَبُ , وَلَيْسَ لِلنِّفَاقِ مَدْخَل فِي هَذِهِ الْآيَة.
وَالْمَرْأَة تُنْدَب إِذَا خَاطَبَتْ الْأَجَانِب وَكَذَا الْمُحَرَّمَات عَلَيْهَا بِالْمُصَاهَرَةِ إِلَى الْغِلْظَة فِي الْقَوْل , مِنْ غَيْر رَفْع صَوْت , فَإِنَّ الْمَرْأَة مَأْمُورَة بِخَفْضِ الْكَلَام. وَعَلَى الْجُمْلَة فَالْقَوْل الْمَعْرُوف: هُوَ الصَّوَاب الَّذِي لَا تُنْكِرهُ الشَّرِيعَة وَلَا النُّفُوس» (١).
وخضوع المرأة بالقول يفتح باب زنا الأذن، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى مُدْرِكٌ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاِسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلاَمُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ». (رواه مسلم).
وقد يفتح باب العشق وإن لم يرها الرجل كما أنشد أعمى:
يا قومِ أذني لبعضِ الحيِّ عاشقةٌ ... والأذْنُ تعشقُ قبلَ العينِ أحيانَا

(١) تفسير القرطبي (١٤/ ١٧٧ - ١٧٨).المصدر كتاب الاختلاط بين الرجال والنساء                       
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسلوب جديد من أساليب كفار مكة في الصد عن دين الله، ألا وهو أذية قريش لرسول - صلى الله عليه وسلم -

الخطبة الحادية عشرة: أسلوب جديد من أساليب كفار مكة في الصد عن دين الله، ألا وهو أذية قريش لرسول - صلى الله عليه وسلم - أيها الإخوة عباد الل...